سياحة الفضاء: ما هي تكلفة الرحلة الواحدة وطبيعة التنافس في هذا السوق

قبل سنوات قليلة مضت كان مصطلح “سياحة الفضاء” أقرب إلى الذكر في فيلم خيال علمي منه في أرض الواقع، لكن مع التطور التقني الهائل وظهور شركات مثل سبيس إكس “إيلون ماسك” وبلو أوريجن “جيف بيزوس” أصبحت الفكرة قابلة للتطبيق بنسبة كبيرة جدًا خلال السنوات القليلة القادمة.

 

التنافس في مجال سياحة الفضاء ليس قويًا بما فيه الكفاية نظرًا لأنّ السوق لايزال وليدًا ولا تتواجد فيه سوى حفنة من الشركات، لذا تجد التكاليف مرتفعة للغاية خاصةً عندما تكون الرحلة إلى الفضاء فعلًا وليس إلى الطبقات العليا من الغلاف الجوي.

 

تختلف التكاليف على حسب الشركة المُقدمة للخدمة، فتجد الراكب على رحلة فيرجن جالاكتيك يقضي 0.04 في المائة فقط من وقت الرحلة في الفضاء مقارنةً بالراكب في رحلة سبيس اكس، لكن الأخير يدفع سعر تذكرة أعلى بحوالي 200 ضعف!

 

في جميع الأحوال، قدّرت UBS أن سياحة الفضاء سيكون لها قيمة سوقية محتملة بقيمة 3 مليارات دولار بحلول عام 2030، بينما تتوقع نورثرن سكاي ريسيرش أن يبلغ حجم سوق السياحة شبه المدارية -داخل الغلاف الجوي- 2.8 مليار دولار بحلول 2028.

 

لكن ما هي السياحة شبه المدارية؟ وهل يمكن اعتبارها جزء من سوق سياحة الفضاء؟

 

السياحة شبه المدارية

 

تتنافس شركتان حاليًا في هذا السوق هما فيرجن جالاكتيك وبلو أوريجن، ويعمل نظام الإطلاق في الإثنين بالاعتماد على الصواريخ ويمكنهما حمل ما يصل إلى ستة ركاب في الرحلة.

 

لكن تختلف كيفية عمل الإثنين من حيث المفهوم، حيث تحتاج مركبة “سبيس شيب تو” من فيرجن جالاكتيك إلى طائرة نفاثة ترتفع إلى ما يزيد على 40 ألف قدم حتى يمكن إسقاط المركبة الفضائية قبل أن يبدأ محركها بالعمل والصعود إلى ارتفاع 295 ألف قدم (حوالي 90 كم).

 

ثم تذهب المركبة إلى حافة الفضاء حيث يقضي الركاب بضعة دقائق في الطفو داخل الجاذبية الصغرى قبل أن تدخل المركبة مجددًا إلى الغلاف الجوي وتهبط في مدرج خاص بالشركة. ويمكن إعادة استخدام المركبة مع استبدال محرك الصاروخ.

 

بينما يتم إطلاق صاروخ “نيو شيبارد” من بلو أوريجن مع كبسولة فوق داعم يبلغ طوله 60 قدم تقريبًا، وتصعد بشكل مستقيم مع انفصال الكبسولة بالقرب من قمة الرحلة لتصل إلى ارتفاع يزيد على 330 ألف قدم (100 كم تقريبًا).

 

وهناك تطفو الكبسولة لبضع دقائق في الجاذبية الصغرى قبل أن تعود إلى الأرض مرة أخرى وتهبط بمساعدة نظام المظلات.

 

وعلى عكس الصواريخ التقليدية فإنّ الصاروخ المعزز في “نيو شيبارد” يعود أيضًا للهبوط بشكل منفصل مع إمكانية إعادة استخدامه في رحلات أخرى.

 

من جانبها، نجحت فيرجن جالاكتيك في بيع 600 تذكرة حتى الآن بسعر يتراوح بين 200,000 و250,000 دولار للتذكرة، وتتوقع الشركة ارتفاع سعر التذاكر بشكل كبير لأول رحلة.

 

وقالت بلو أوريجن إن أسعار تذاكرها لم يتم تحديدها بعد، مع توقعات بأن تُسعّر الرحلات بأسعار قريبة من المنافسين.

 

بالنسبة لشركة فيرجن جالاكتيك فقد بدأت التجارب بالفعل ونقلت خمسة أشخاص إلى الفضاء في رحلتين وجميعهم موظفون في الشركة بالطبع مع أربعة طيارين يتحكمون في المركبة الفضائية بالإضافة إلى مدرب فضاء.

 

وتتوقع الشركة إجراء رحلتين اختباريتين آخريين قبل أن يجرّب مؤسسها ريتشارد برانسون الرحلة بنفسه، ويتوقع أن يتم هذا في الربع الأول من 2021.

 

أمّا شركة بلو أوريجن فلم تنقل أي ركاب حتى الآن على متن نيو شيبارد على الرغم من إكمالها 21 مهمة في السنوات القليلة الماضية. وحسب الرئيس التنفيذي فإنّها بحاجة إلى ثلاث أو أربع رحلات تجريبية أخرى قبل وضع أشخاص على متن المركبة.

 

 

الأسعار

 

مواضيع مشابهة

إذا نظرنا إلى أسعار الرحلات سنجد أن كلًا من فيرجن جالاكتيك وبلو أوريجن تستهدفان الأفراد ذوي الثروة المرتفعة، وأشار مسؤولين من كلتا الشركتين أن الطلب سيكون أكثر من كافٍ عند بدء الرحلات الجوية.

 

السياحة المدارية

 

على عكس السياحة شبه المدارية التي تصل إلى ارتفاع 100 كم وتمنح الركاب بضع دقائق في الفضاء، فإن السياحة المدارية يمكن أن تصل لارتفاع يزيد على 400 كم مع قضاء أيامًا أو أكثر من أسبوع في الفضاء.

 

وحتى الآن اقتصرت سياحة الفضاء المدارية على عدد قليل من الرحلات إلى محطة الفضاء الدولية باستخدام المركبة الروسية سويوز.

 

لكن سبيس إكس مع صاروخ فالكون 9 وكبسولة “كرو دراجون” دخلت إلى الساحة مؤخرًا، وأطلقت اثنين من رواد الفضاء التابعين لوكالة ناسا وأعادتهم للمرة الأولى هذا الصيف في مهمة تاريخية للشركة.

 

وبذلك حققت سبيس إكس إنجازًا لم تسبقها إليه أي شركة؛ إرسال أفراد إلى الفضاء.

 

اخترنا لك أيضًا » قصة سبيس اكس: من حلم طفل صغير إلى شركة طموحة تغزو الفضاء

 

وإذا نظرنا إلى نظام الإطلاق في سبيس إكس سنجده قريب من بلو أوريجن مع صاروخ أقوى وكبسولة أكبر، حيث صُممت مركبة كرو دراجون لاستيعاب ما يصل إلى سبعة ركاب.

 

 

كما أنّ الرحلة على متن كبسولة سبيس إكس أكثر سلاسة من مكوك الفضاء حسب وصف رواد فضاء ناسا في مهمة Demo-2.

 

وقد وقّعت سبيس إكس اتفاقيتين منفصلتين مع شركات تسعى إلى نقل سياح إلى الفضاء في رحلات تستمر حتى 10 أيام، وبقيمة تصل إلى 50 مليون دولار للفرد الواحد على متن كرو دراجون.

 

وإلى جانب برنامج سبيس إكس يوجد أيضًا كبسولة ستارلاينر من بوينج التي تسع حتى سبعة ركاب، وتمتلك بوينج عقدًا مع ناسا لنقل أربعة رواد فضاء في وقت واحد ويمكن الاستفادة من المقعد الخامس في بيعه لسائح فضائي.

 

 

كذلك تعمل سبيس إكس على مركبة “ستارشيب” القابلة لإعادة الاستخدام ويمكنها نقل حتى 100 شخص في المرة الواحدة، لكن علينا الانتظار بعض الوقت حتى تتمكن سبيس إكس من نقل أفراد على متن المركبة، حيث صرّح إيلون ماسك أن المركبة سيتعين عليها إكمال مئات المهام لنقل الأقمار الصناعية قبل البدء في نقل البشر.

 

وسطاء الخدمات المدارية

 

مع وجود عدد قليل من الشركات التي تبني نُظم إطلاق ومركبات فضائية تنقل الأشخاص، ظهرت بعض الشركات التي يمكن أن نُطلق عليها لقب “وسيط” سياحة الفضاء، مثل سبيس أدفنشرز وأكسيوم سبيس وفيرجن جالاكتيك.

 

وعلى مدار العقدين الماضيين نجحت سبيس أدفنشرز في نقل سبعة سائحين باستخدام مركبات فضائية روسية بتكلفة تزيد على 20 مليون دولار للفرد في رحلة تستمر بضعة أيام منها أكثر من أسبوع داخل محطة الفضاء الدولية.

 

أمّا أكسيوم سبيس فقد وقّعت على صفقة مع سبيس إكس لنقل ثلاثة ركاب إلى محطة الفضاء الدولية -إلى جانب مشرف مُدرّب- في أكتوبر 2021 باستخدام كبسولة كرو دراجون.

 

وتستمر المهمة لمدة 10 أيام -منها يومين للسفر وثمانية أيام على متن المحطة- وقد يكون أحد الركاب الممثل الشهير توم كروز حيث أعلنت وكالة ناسا عن تعاون لتصوير فيلم على متن محطة الفضاء الدولية.

شارك المحتوى |
close icon