ما هي بطاريات الجرافين؟ ولماذا كل هذا الصخب حولها؟

تطورت تقنيات الهواتف الذكية كثيرًا في يومنا هذا، لكنّها للأسف الشديد لم تصل إلى مرحلة رضا المستهلك، فلا يوجد هاتف على وجه الأرض يُمكنه البقاء لأكثر من يوم واحد فقط مع الاستخدام الكثيف والمستمر، وهنا يأتي دور بطاريات الجرافين التي طالما تحدثت عنها وسائل الإعلام العالمية.

 

بطاريات الجرافين لا تعمل على أي من الهواتف الذكية أو غيرها من الأدوات الذكية الموجودة حاليًا، لكن التقنية لا تتوقف عن التطوّر أبدًا، وفي المستقبل قد تكون مادة الجرافين هي التي تحل محل بطاريات الليثيوم أيون التي اعتمدت عليها صناعة التقنية بشدة منذ عقود.

 

بطاريات الجرافين

 

تُعد تقنية الجرافين من التقنيات الواعدة التي يُنظر إليها على اعتبار أنّها ستُستخدم بشدة في المستقبل، وعلى الرغم من أننا لا نزال بعيدين كل البُعد عن إدخال الجرافين في المنتجات الذكية المُختلفة – بما في ذلك بطاريات الجرافين – إلّا أنّه لا يزال من الجيد معرفة أحدث ما توصلت إليه الأبحاث والتطويرات.

 

ما هي بطاريات الجرافين؟

 

قبل الخوض في الحديث حول بطاريات الجرافين، يجدر بنا أولًا تحديد ماهية الجرافين وكيفية عمله.

 

باختصار، يُعد الجرافين عبارة عن تركيبة من ذرات الكربون مرتبطة بإحكام في بُنية سداسية أو ما يُشبه قرص العسل. وما يجعل الجرافين فريد من نوعه هو أنّ هذا الهيكل لا يتجاوز سُمك طبقة ذرية واحدة، مما يجعل ورقة الجرافين ثنائية الأبعاد.

 

ينتج هذا الهيكل ثنائي الأبعاد خصائص مثيرة للاهتمام، بما في ذلك إمكانية توصيل الكهرباء والحرارة بامتياز، والمرونة العالية، والقوة العالية، والوزن المنخفض، وما يهمنا بشكل خاص هو قدرته على توصيل الكهرباء والحرارة التي تتفوق على النحاس، وهو العنصر المعدني الأعلى توصيلًا لهما.

 

وعندما يتعلق الأمر بالبطاريات، يُمكن استخدام قدرات الجرافين بعدة طرق. الاستخدام المثالي له كبطارية هو “مُكثّف فائق” حيث يُخزن التيار مثل البطارية التقليدية، ولكن يمكنه الشحن والتفريغ بسرعة مذهلة.

 

المشكلة التي لم يتم حلها مع الجرافين هي كيفية صناعة ألواح فائقة النحافة اقتصاديًا، لاستخدامها في البطاريات وغيرها من التقنيات، حيث أنّ تكاليف الإنتاج مرتفعة للغاية في الوقت الحالي، ولكن الأبحاث المستمرة تُساعد على جعل بطاريات الجرافين حقيقة في وقت قريب جدًا.

 

في عام 2017، أعلنت شركة سامسونج عن تقدّم تقني جديد في كرة الجرافين الخاصة بها، وعلى الرغم من أننا لم نسمع أي شيء آخر منذ ذلك الحين، إلّا أنّ شركة تسلا أظهرت في الآونة الأخيرة اهتمامًا بالجرافين في بطاريات السيارات.

 

الجرافين أم الليثيوم أيون

 

مواضيع مشابهة

كما هو الحال في بطاريات الليثيوم أيون Li-ion، تستخدم خلايا الجرافين صفيحتين موصلتين في مادة مسامية ومغمورة في محلول الإلكتروليت، لكن على الرغم من التشابه في تركيبتهما الداخلية، توفر البطاريتان خصائص مختلفة.

 

يوفّر الجرافين إمكانية توصيل كهرباء أعلى من بطاريات الليثيوم أيون، ويسمح هذا للخلايا بالشحن السريع والقدرة على توفير تيارات عالية جدًا، وهذا مفيد بشكل خاص في بطاريات السيارات أو الشحن السريع من جهاز إلى آخر.

 

كما يعني قدرة التصريف العالية للحرارة أن البطاريات لا ترتفع درجة حرارتها سريعًا، مما يؤدي إلى إطالة عمر البطارية حتى عند استخدامها في الهاتف الذكي.

 

وهناك مميزات أخرى، حيث أنّ بطاريات الجرافين أخف وزنًا وأقل حجمًا من خلايا الليثيوم أيون الموجودة اليوم، ويعني هذا وجود بطارية أقل في الحجم والوزن مع قدرات أكبر دون الحاجة إلى حجز مساحة كبيرة داخل الهاتف، وعند المقارنة بين قدرات الإثنين، نجد أن الليثيوم أيون يُخزّن ما يصل إلى 180 واط من الطاقة لكل كيلو جرام، بينما يمكن للجرافين تخزين ما يصل إلى 1000 واط لنفس الكمية.

 

وأخيرًا، الجرافين أكثر أمنًا من الليثيوم أيون، فعلى الرغم من أنّ الأخيرة تتمتع بسجل سلامة جيد للغاية، إلّا أنّ بعض عيوب التصنيع في منتجات معينة أدّت إلى بعض الحوادث، حيث أنّ ارتفاع درجة الحرارة والشحن الزائد أو الثقب يمكن أن تُسبب اختلالات كيميائية تؤدي إلى نشوب حريق في بطارية الليثيوم أيون، بينما الجرافين أكثر استقرارًا ومرونةً وأقوى بكثير في مواجهة هذه المشكلات.

 

على الرغم من كل هذا، لا يجب بالضرورة الاستغناء عن واحدة لصالح الأخرى، فالإثنين يُمكنهما العمل معًا دون مشاكل، مثل استخدام بطاريات الليثيوم أيون مادة الجرافين في تحسين أداء موصل الكاثود، ويُعرف هذا باسم هجين أكسيد معدن الجرافين.

 

البطاريات الهجينة هذه تؤدي إلى خفض الوزن، وتسريع وقت الشحن، وزيادة سعة التخزين للطاقة، وإطالة عمر البطاريات الحالية، وهناك توقعات بأن تكون أولى أجيال بطاريات الجرافين الاستهلاكية من ذلك النوع الهجين.

 

بطاريات الجرافين في الهواتف الذكية

 

عندما تستخدم بطاريات مصنوعة من الجرافين في الهواتف الذكية بالمستقبل، سوف تستفيد من جميع الفوائد والمميزات الموضحة أعلاه، حيث تزيد سرعة شحن الهاتف، وتستمر فترة عمل البطارية لمدة يوم أو اثنين – إن لم يكن أطول من ذلك – مع الاستخدام الكثيف.

 

وتُشير بعض الأبحاث إلى أنّ الجرافين يمكن أن يوفّر سعة أكبر 60 في المائة أو أكثر مقارنةً بنفس البطاريات من الليثيوم أيون، كما يعمل على تصريف الحرارة بشكل أفضل، والحفاظ على عمر البطارية بشكل عام، وبالتالي لن تحتاج إلى استبدال البطارية إلّا بعد مرور سنوات طويلة.

 

كما ستسمح بطاريات الجرافين للهواتف الذكية بأن تُصبح أنحف في الارتفاع دون فقدان سعة البطارية الكبيرة، والشحن من جهاز إلى آخر بسرعة فائقة.

 

في النهاية، يُمكن القول أن تقنية الجرافين هي واحدة من التقنيات المستقبلية الأكثر انتظارًا من العالم أجمع، حيث يُتوقع أن تساهم بشكل كبير في زيادة اقتناء السيارات الكهربائية، وتحسين استخدام الأجهزة الذكية بشكل عام.

شارك المحتوى |
close icon