العالم يمر بأزمة شرائح إلكترونية خانقة، فهل تستطيع الصين حلها؟

منذ عقود والصين تلعب دور مصنع العالم بأكمله، والواقع هو أن البلاد ناجحة بشكل استثنائي بهذا الدور ومتمكنة منه تماماً. فقد أغرقت البضائع الصينية المختلفة رفوف المتاجر حول العالم، وهي متنوعة للغاية من أبسط الأمور التي لا تتطلب الكثير من التعقيدات، وحتى الأدوات الإلكترونية شديدة التعقيد مثل الهواتف الذكية والحواسيب. لكن ولسبب ما يبدو أن هناك مجالاً وحيداً لا يزال بعيداً عن الصين: الشرائح الإلكترونية.

 

عبر العام الماضي بدأت واحدة من أسوأ أزمات الشرائح الإلكترونية في الواقع، حيث يعاني العالم بأكمله من الأزمة التي لا تظهر أي علامات انفراج قريبة. لكن وعلى عكس المعتاد، لم تقفز الصين إلى المقدمة ومصنعة لعدد هائل من الشرائح الإلكترونية لتغطية الطلب، بل بقيت عملاقة الصناعة صامتة إلى حد بعيد بينما تتفاقم الأزمة لتصيب مجالات تصل حتى صناعة السيارات. وهنا يصبح من الواجب السؤال: هل حل الأزمة لدى الصين؟ ولماذا لا تحرك ساكنةً حيالها؟

 

ما هي أزمة الشرائح الإلكترونية اليوم؟

 

العالم يمر بأزمة شرائح إلكترونية خانقة، فهل تستطيع الصين حلها؟

 

منذ قرابة العام بدأت العديد من الشركات بالمعاناة من نقص واضح في مؤونة الشرائح الإلكترونية، حيث بدأ الأمر من معالجات الهواتف الذكية ووحدات التخزين، لكن الأزمة سرعان ما تمددت إلى مجالات أخرى عديدة في العالم التقني، حيث سرعان ما بدأ النقص بالوصول إلى معالجات الحواسيب وبالطبع بطاقات الرسوميات وبالأخص تلك من الجيل الأخير والتي لا تزال صعبة الشراء للغاية حتى بعد أشهر من طرحها.

 

لاحقاً ظهرت المشكلة بشكل أكبر حتى مع الجيل التاسع من أجهزة الألعاب: PS5 وXbox Series X، حيث تضررت قدرة إنتاج هذه الأجهزة بشكل كبير من نقص الشرائح الإلكترونية وبالتالي لا يزال الحصول عليها دون دفع مبالغ كبيرة أعلى من سعرها الرسمي أمراً صعباً.

 

في الواقع فقد تفاقمت الأزمة بشكل كبير مؤخراً وحتى أنها تسببت بقيام عدة شركات سيارات بتخفيض إنتاجها وإغلاق بعض مصانعها لأنها لا تحصل على شرائح كافية لصنع هذه السيارات.

 

هل تستطيع الصين المساعدة حقاً؟

 

العالم يمر بأزمة شرائح إلكترونية خانقة، فهل تستطيع الصين حلها؟

 

لا شك بأن صناعة الإلكترونيات في الصين قد قطعت شوطاً كبيراً مع مرور الزمن، حيث انتقلت البلاد من الشهرة بالأجهزة الإلكترونية المقلدة ذات الجودة السيئة في مطلع الألفية، لتصبح موطن بعض من أكبر شركات الهواتف الذكية اليوم، وحتى الآن تهيمن الشركات الصينية على مختلف تصنيفات المصنعين التقنيين. وبالطبع فقد كان جزء من هذا التطور مرتبطاً بالشرائح الإلكترونية، حيث تصدر الصين ما قيمته 100 مليار دولار من الشرائح الإلكترونية تقريباً.

 

لكن ومع أن الصين تصدر عدداً كبيراً من الشرائح الإلكترونية، فهي بعيدة جداً عن الاكتفاء الذاتي. حيث أن الشرائح المصنعة في الصين عادة ما تكون من الفئات الدنيا الأبسط وذات مستويات الأداء الأدنى، وحتى الآن تستورد الصين شرائح إلكترونية أكثر بثلاثة أضعاف مما تصدره، مما يعني أنها لا تغطي حاجتها الداخلية حتى من المجال.

 

مواضيع مشابهة

باختصار، هناك ما يشبه احتكاراً لعالم صناعة الشرائح الإلكترونية اليوم. حيث تسيطر بضعة شركات كبرى مثل TSMC وSamsung وIntel على كامل مجال الفئات العليا من المعالجات، وأي من هذه الشركات ليست صينية بالطبع، حيث TSMC تايوانية وسامسونج كورية جنوبية وIntel أمريكية.

 

بالطبع هناك العديد من المصنعين الأصغر للشرائح الإلكترونية، لكنهم ليسوا قادرين على صنع المعالجات الأدق والأحدث والأفضل أداء، لذا سيكون من الممكن تتبع صنع أي معالج قوي لواحدة من الشركات الثلاثة سابقة الذكر، حيث أن Intel تصنع معالجاتها بنفسها، فيما أن TSMC تصنع المعالجات لكل من AMD وQualcomm وApple وسواها، وسامسونج تصنع معالجاتها الخاصة بالإضافة لتصنيع شرائح لشركات أخرى وبالأخص لمعالجات الرسوميات.

 


مواضيع قد تهمك:

لماذا هناك نقص حاد في الشرائح الإلكترونية حول العالم؟

ثلث أرباح شركات السيارات الأمريكية قد تتبخر نتيجة نقص الشرائح الإلكترونية

378 مليار دولار صرفتها الصين على البحث والتطوير خلال عام 2020


 

طريق الصين الطويل لتتمكن من صنع الشرائح الإلكترونية عالية الأداء

 

العالم يمر بأزمة شرائح إلكترونية خانقة، فهل تستطيع الصين حلها؟

 

للتمكن من تصنيع المعالجات الحديثة، فالأمر معقد للغاية ومكلف بشكل استثنائي، حيث يحتاج الأمر لأعوام وعقود من الأبحاث والتجارب، فعلى سبيل المثال من الممكن أن يحتاج تطوير الأدوات اللازمة لعملية الطباعة الضوئية أكثر من 10 أعوام، وذلك بالإضافة إلى الحصول على آلات التصنيع عالية الدقة واستثمار مليارات الدولارات لأغراض البحث والتطوير. ومع أن الصين تبذل جهوداً عملاقة في هذا المجال، فجهودها لا تزال غير كافية للوقت الحالي.

 

في الواقع فقد زادت الصين من استثماراتها في مجال صناعة الشرائح الإلكترونية بشكل هائل كمل يبدو من المخطط أعلاه، وهي اليوم ثاني أكبر الأسواق في المجال بعد جارتها تايوان التي تهيمن على المجال إلى حد بعيد. لكن هذه الاستثمارات لم تعطِ ثمارها بعد، بل أن الصين ستبقى متأخرة لأجيال عديدة من حيث قدرتها على تصنيع المعالجات والشرائح الإلكترونية المختلفة حتى مع أفضل الظروف.

 

مع الوقت من الممكن أن تقوم الصين بتقصير الفارق بينها وبين الشركات المهيمنة على المجال اليوم، لكن الأمر لا يتم في يوم وليلة، بل أنه يحتاج لسنوات وربما عقود من الزمن حتى. لذا وفي الوقت الحالي على الأقل لا تزال الصين بعيدة عن المنافسة في السوق أو المساعدة في أزمة الشرائح الإلكترونية الحالية.

شارك المحتوى |
close icon