حالات الفشل في عصر الهواتف : الفشل التجاري والهواتف المتفجرة

هناك حقيقة لا شك فيها اليوم، سوق الهواتف لم يعد متنوعاً أو غريباً كما كان عليه الأمر في مطلع الألفية. فقد اختفت التصاميم الغريبة والجديدة إلى حد بعيد، وبات الجميع تقريباً يستخدم نفس الهواتف الذكية ذات الشكل المستطيل مع طبقتي زجاج من الأمام والخلف وإطار معدني. لكن هذا التغير لم يأتي من غياب رغبة الشركات بالتجديد في الواقع، بل لأن عواقب الفشل لأي هاتف باتت أكبر من أي وقت مضى مع تسامح صغير جداً.

 

في هذا الموضوع سنتناول بعضاً من أهم حالات فشل الهواتف الذكية عبر السنوات، ومع أن بعض هذه الحالات ليست سوى هواتف عادية فشلت لأسباب متعلقة بسوء التصنيع مثلاً، فالعديد منها كانت هواتف ثورية بشكل أو بآخر مع محاولة لتغيير الحالة الثابتة للسوق وربما السير به نحو الأمام بشكل أو بآخر.

 

هواتف Motorola Atrix 2

 

في عام 2018 قامت شركة Samsung بتقديم ميزة ثورية: هاتفك الذكي من الممكن أن يتحول إلى ما يشبه حاسوباً مكتبياً بمجرد استخدام اكسسوار ووصله إلى شاشة وأجهزة إدخال (لاحقاً بات الأمر ممكناً دون أية إكسسوارات). لكن ومع أن إنجاز سامسونج كان مثيراً للإعجاب حقاً فهو لم يكن الأول، بل سبقه Motorola Atrix بسبعة أعوام إلى الفكرة.

 

ما تشاهده في الصورة هو إكسسوار كان من المفترض أن يكلف 200 دولار أمريكي يحول هاتف Atrix 2 بسرعة إلى ما يشبه حاسوباً محمولاً مع لوحة مفاتيح ولوحة لمس وشاشة كبيرة يفترض أن تجعله مناسباً لإنجاز بعض العمل، لكن المشروع كان غير مستقر ومناسب حقاً، وكان دون شك سابقاً لوقته بسنوات عديدة، فقد كانت فكرة تشغيل تطبيقات حاسوبية على عتاد هاتف من عام 2011 أقرب إلى الخيال من الواقع، وكانت تجربة المستخدم سيئة وغير مغرية بالمحصلة.

 

هواتف Sony Xperia Play

 

 

في عام 2011 كانت Sony مدفوعة بالنجاح المدوي لجهاز ألعابها المحمول PSP لتطوير المجال أكثر وأكثر، وبالترافق مع ثورة الهواتف الذكية رأت الشركة أن المستقبل بين الفئتين قد يكون موحداً وذلك بإصدار هاتف ذكي يعمل بنظام أندرويد لكن بمجرد سحب الشاشة إلى الجانب تظهر مفاتيح التحكم بالألعاب لجعله جهاز ألعاب محمول بسهولة.

 

من حيث المبدأ كانت الفكرة مغرية للغاية وبالأخص في عام 2011 عندما كان التحكم باللمس لا يزال دون المستوى للألعاب، لكن التطبيق كان كارثياً بحق، فمع أن هاتف Xperia Play كان يعد بتجربة جهاز ألعاب فقد منعه واقع أنه يعمل بنظام أندرويد أن يكون أي شيء سوى هاتف ذكي مع أزرار إضافية لا يستخدمها معظم المالكين وبالنتيجة بنية هشة وغير قوية حقاً، وبالطبع فقد فشل الهاتف ولم تعد فكرة دمج الهواتف وأجهزة الألعاب معاً حتى سنوات تالية مع صعود “هواتف الألعاب” مؤخراً.

 

اقرأ أيضاً: كيف باتت شواحن الهواتف الذكية موحدة بشكل شبه كامل؟

 

هواتف Nokia Lumia ككل

 

عندما قامت شركة Microsoft بالتعاون مع نوكيا ومن ثم الاستحواذ عليها كان الواقع قد بات واضحاً: أندرويد وiOS هما نظاما المستقبل. لكن مايكروسوفت كانت متمسكة بنظامها ولا تريد الخروج من سوق الهواتف الذكية الذي كانت لاعباً هاماً فيه في الماضي، وكانت النتيجة هواتف Nokia Lumia التي تعمل بنظام Windows Phone وتأتي بمواصفات مثيرة للإعجاب في الكثير من الحالات، لكن بالمقابل كان هناك مشكلة حقيقية.

 

في الوقت الذي بدأت فيه هواتف Lumia بالوصول إلى الأسواق كان نظاما أندرويد وiOS قد أسسا لنفسيهما أسواقاً كبرى ومتجري تطبيقات عملاقين، بالمقابل كان متجر تطبيقات Windows فقيراً جداً بالتطبيقات ولا يقارن حتى بالبقية. وبالنتيجة بدأت حلقة مفرغة من المبيعات المتدنية التي تقود إلى هروب المطورين من المتجر مما يخفض المبيعات أكثر وبالتالي يبعد المزيد من المطورين.

 

بعد بضعة سنوات بات مصير “لوميا” محسوماً وتم إنهاء الهواتف إلى غير رجعة وحتى أن مايكروسوفت باعت أصول نوكيا التي كانت لا تزال بحوزتها وخسرت بالنتيجة بضعة مليارات من الدولارات.

 

هواتف التواصل الاجتماعي

 

مع صعود الهواتف الذكية إلى الواجهة كان نوع آخر من التقنية في طور الصعود: شبكات التواصل الاجتماعي. وبالنتيجة بدا من المنطقي للكثيرين دمج الأمرين معاً وإصدار هواتف مصممة للتواصل الاجتماعي بالدرجة الأولى مثل هواتف HTC First وHTC ChaCha وعدة هواتف تستخدم واجهة Facebook Home فوق نظام أندرويد للتشديد على أنها مصممة للتواصل الاجتماعي.

 

لكن يبدو أن المبيعات لم تكن متوازية مع الرغبة المتوقعة لهذا النوع من الهواتف حقاً، وبالأخص أن معظم هواتف التواصل الاجتماعي كانت مجرد هواتف فئة دنيا بمواصفات منخفضة وأداء سيء وسعر أغلى من المعتاد حتى. ومع الوقت رحلت هذه الموجة بشكل كامل ولم يبقى من آثارها سوى فقاعات المحادثة لتطبيق Messenger التي ظهرت في واجهة Facebook Home أولاً قبل أن تعمم للتطبيق.

 

مواضيع مشابهة

اقرأ أيضاً: هل بيع الهواتف الذكية دون شواحن مفيد للبيئة حقاً، أم مربح للشركات فحسب؟

 

هواتف Amazon Fire Phone

 

في عام 2011 قامت عملاقة التجارة الإلكترونية Amazon بإصدار أجهزة Amazon Fire Tablet اللوحية وسرعان ما حققت نجاحاً كبيراً عبرها، حيث كانت أجهزة لوحية رخيصة جداً وتباع بأقل من التكلفة حتى مقابل كونها تجذب المستخدمين إلى بيئة Amazon عموماً، لذا قررت الشركة المغامرة والسير إلى سوق الهواتف الذكية أيضاً بتقديم Amazon Fire Phone عام 2014، لكن الهاتف كان فشلاً كبيراً بكل المعايير.

 

فعلى عكس الأجهزة اللوحية تم تقديم هواتف Amazon Fire Phone بسعر مرتفع نسبياً، ومع غياب متجر Google Play واستبداله بمتجر Amazon للتطبيقات لم يكن الهاتف بالنجاح المطلوب وكانت مبيعاته منخفضة كفاية ليسحب من الأسواق بعد أقل من عام على صدوره وبات خارج الاعتبار منذ حينها.

 

هواتف Samsung Galaxy Note 7

 

خلال الفترة الأولى من إطلاقه، كان هاتف Galaxy Note 7 من أنجح هواتف سامسونج عبر تاريخها، وكان المستخدمون معجبين للغاية بالهاتف وميزاته العديدة. لكن الأمور لم تسر على ما يرام وسرعان ما ظهرت مشكلة كبرى مع ورود تقارير عن كون الهاتف ينفجر أو يحترق لوحده دون التعرض لأي ضرر خارجي، ومع أن الشركة كانت سريعة بمحاولتها لإيجاد المشكلة وحلها فقد كان الحل غير كافٍ وحتى الهواتف التي أعيدت للشركة وبيعت مجدداً استمرت بالمعاناة من المشكلة نفسها مما قاد نحو سحب الهاتف من الأسواق بشكل كامل.

 

على الرغم من أن الشركة أعادت مال المستخدمين الذين اشتروا الهواتف وسمحت لهم باختيار أي هواتف أخرى يريدونها أو حتى الحصول على الهاتف القادم Galaxy S8، فقد تمسك البعض بالهاتف ولا تزال هناك نسخ مستخدمة حتى اليوم، لكن في الفترة الأولى على الأقل كانت الفضيحة مدوية كفاية لتقوم شركات الطيران بحظر حمل الهاتف على متن الطائرات حتى.

 

اليوم تمكنت سامسونج من تجاوز الأزمة التي تسبب بها هاتف Note 7 وبسرعة كبيرة في الواقع، لكن الهاتف لا يزال وسيبقى نقطة سوداء كونه واحداً من هواتف الفئة العليا للشركة من جهة وكون فشله كان استثنائياً من حيث الضرر الذي يمكن أن يتركه.

 

اقرأ أيضاً: من يصنع الأجزاء الأساسية لهواتف أيفون 12؟

 

هواتف Essential PH-1

 

 

بعد سنوات عديدة من كون هواتف أندرويد تصنع من العديد من الشركات المختلفة التي تستخدم واجهاتها وعتادها الخاص لتصنع تجربة المستخدم التي تراها مناسبة، أتى مؤسس نظام أندرويد الأصلي Andy Rubin بفكرة جديدة: إطلاق هواتفه الخاصة التي ستجسد التجربة المثالية للهواتف وبالأخص للنظام واسع الشعبية. ومع كون الهواتف قادمة من مؤسس النظام نفسه كان هناك الكثير من الحماس حول الفكرة وحتى أن شركته Essential تمكنت من جمع أكثر من مليار دولار أمريكي من الاستثمارات.

 

لكن وبعد الكثير من الحماس والتغطية الإعلامية المكثفة تم الكشف عن الهاتف أخيراً عام 2017 وكانت النتائج مخيبة باختصار. فعلى الرغم من أن الهاتف لم يكن سيئاً حقاً فقد كان غير مميز عن البقية وأغلى ثمناً من سواه من نفس الفئة حتى، وبإضافة التأجيلات المتتالية لبيعه سرعان ما مات الحماس تجاه الهاتف وبدأت المشاكل العديدة للهاتف بالظهور كونه تجربة أولى على عكس الشركات المخضرمة في المجال.

 

بعد الفشل الأولي حاولت الشركة إعادة إحياء الاهتمام بعلامتها التجارية بالحديث عن هواتف أخرى مستقبلية أفضل، لكن أياً من هذه الهواتف لم يتحول إلى حقيقة وبالوصول إلى الوقت الحالي فقد تفككت الشركة تماماً.

 

هواتف Red Hydrogen One

 

لسنوات عديدة عرفت شركة Red بكونها من اللاعبين الكبار في مجال تصوير الفيديو، فهي تنتج كاميرا تصوير احترافية مستخدمة على نطاق واسع من صناع المحتوى الكبار وحتى في صناعة الأفلام والبرامج التلفزيونية. لذا كان هناك الكثير من الحماس بانتظار مشروع الشركة لصنع هاتف ذكي، وبالأخص مع وعود لتقديم خبرة الشركة في التصوير ضمن الهاتف وحتى استخدام “شاشة هولوجرامية” تسمح بتجربة عرض غير معتادة.

 

للأسف كانت النتائج هي خيبة أمل من مختلف النواحي، فقد كان الهاتف يكلف أكثر من سواه بكثير من جهة، وكانت شاشته دون المستوى مع غياب فاعلية الشاشة الهولوجرامية الموعودة والعديد من المشاكل والعيوب التي حولت الهاتف من منتج ينتظره الكثيرون إلى كارثة تسويقية حقيقية دون مشترين، وخلال أقل من عام كان الهاتف وأية مخططات لهواتف أخرى من الشركة قد باتت خارج الحسابات.

شارك المحتوى |
close icon