هل تستهلك البطارية أكثر عند ترك البلوتوث فعالاً طوال الوقت؟

قبل سنوات عديدة وعندما كانت شاشات اللمس لا تزال أمراً مستقبلياً للغاية، كانت تقنية البلوتوث (Bluetooth) واحدة من أكثر الميزات انتشاراً بين الهواتف بمختلف أنواعها، حيث كانت التقنية مفيدة للغاية بوصل الهواتف ببعضها البعض ونقل وتبادل الملفات فيما بينها، وكان من الشائع حينها أن يستخدم البلوتوث لإرسال الصور والموسيقى والفيديو. ومع أنه كان تقنية هامة للغاية، فقد كان البلوتوث يمتلك مشكلة كبرى: استهلاك البطارية مرتفع للغاية، وبالنتيجة كان من النادر أن تجد هاتفاً مع الميزة مفعلة ومتروكة خارج أوقات استخدامها.

 

مع الوقت تطورت الهواتف بشكل كبير جداً، وتغيرت الكثير من الأمور، وبينما لا تزال تقنية البلوتوث تسمح بتبادل الملفات اليوم، فقد انقرض هذا الاستخدام إلى حد بعيد واستبدل بوسائل أخرى، ومكانه بات الاستخدام الأساسي للتقنية هو وصل أدوات خارجية وملحقات إلى الهواتف مثل أذرع التحكم، أو الاستخدام الأهم: السماعات اللاسلكية.

 

اليوم لم يعد البلوتوث تهديداً حقيقياً للبطارية كما كان في الماضي، لكن مدى استهلاكه للشحن يبقى مصدر قلق للكثيرين ممن اعتادوا إيقاف تشغيله بمجرد الانتهاء من استخدامه وبشكل فوري، لذا سنحاول في هذا الموضوع الإجابة على بعض الأسئلة وتفسير جوابها بعد ذلك.

 

هل يؤدي إبقاء البلوتوث فعالاً إلى تناقص البطارية بشكل أكبر؟

 

الجواب الدقيق هو نعم بالطبع، فأي تقنية إضافية يتم تشغيلها ستؤدي إلى تناقص البطارية أسرع من إيقافها، لكن هذا الجواب ليس المهم حقاً، بل أن المهم هنا هو أن التناقص ملحوظ كفاية أم أنه صغير كفاية ليكون من المنطقي تجاهله وإبقاء البلوتوث فعالاً طوال الوقت دون الاهتمام بإيقافه عند انتهاء استخدامه.

 

لهذه الغاية سنستخدم بيانات اختبار أجراه موقع Android Authority العالمي مؤخراً على الأمر، حيث يشمل الاختبار سيناريوهات متنوعة و5 هواتف حديثة من عام 2020 وهي:

 

  • Samsung Galaxy S20 Plus
  • Huawei P40 Pro
  • ZTE Axon 11
  • Xiaomi Poco F2 Pro
  • Realme X3 Superzoom

 

للأسف لم تتضمن القائمة أياً من هواتف iPhone، لكن عموماً يمكن توقع نتائج شبه مطابقة هنا مع التشابه الكبير للتقنيات المستخدمة في الهواتف الحديثة.

 

تم الاختبار عبر عدة سيناريوهات، وهنا سنتناول النتائج التي أتت منه:

 

هل يؤدي ترك البلوتوث فعالاً طوال الوقت (دون استخدامه) إلى حياة بطارية أقصر؟

 

هل تستهلك البطارية أكثر عند ترك البلوتوث فعالاً طوال الوقت؟

 

تم الاختبار على 3 مراحل لكل من الهواتف الخمسة، حيث المرحلة الأولى تتضمن 90 دقيقة من تصفح الإنترنت، ومن ثم 90 دقيقة من عدم الاستخدام، و90 دقيقة أخرى من تصفح الإنترنت. المرحلة الثانية هي ترك الهاتف دون استخدام طوال 16 ساعة، وأخيراً المرحلة الثالثة هي تكرار للأولى فقط.

 

كانت النتائج مثيرة للاهتمام للغاية، فبالمتوسط استهلكت الهواتف مع تفعيل البلوتوث عليها طوال الوقت لكن دون استخدامه 51.2% من البطارية، فيما كانت القيمة أدنى بقليل: 49.4 عند عدم التفعيل. أي أن التقنية لم تستهلك سوى 1.8% فقط من حياة البطارية خلال اختبار امتد 25 ساعة، وكما هو واضح فهذه النسبة صغيرة للغاية وبالكاد تحتسب.

 

مواضيع مشابهة

في الواقع يمكن عزو الاختلاف حتى إلى معامل الخطأ عند القيام باختبار كهذا، حيث كان فرق الاستهلاك هو 3% في هاتفي P40 Pro وPoco F2 Pro، لكن في كل من Galaxy S20 Plus وRealme Superzoom كان الاستهلاك متطابقاً ومع افضلية ضئيلة للبطارية عند تفعيل البلوتوث حتى، مما يعني أن التأثير صغير كفاية بحيث يكون هامش الخطأ أكبر منه حتى.

 

في تجربة ثانية، تم استخدام الهواتف الخمسة لتشغيل الفيديو بشكل متواصل لمدة 4 ساعات، وهنا كانت النتائج هامة في الواقع. حيث كان الاستهلاك مع إيقاف البلوتوث هو 22.6% بالمتوسط، والاستهلاك مع تفعيله (دون استخدامه) هو 24.2%، والاستهلاك مع تفعيله واستخدامه لتشغيل الصوت هو 22.8% فقط، أي أن الاستخدام الفعال للتقنية يستهلك بطارية أقل من عدم استخدامها، وفي الحالتين كان التأثير على حياة البطارية صغيراً جداً بعد 4 ساعات من تشغيل الفيديو.

 

هل يؤدي الاستخدام الفعال لتقنية البلوتوث إلى استهلاك بطارية أعلى؟

 

هل تستهلك البطارية أكثر عند ترك البلوتوث فعالاً طوال الوقت؟

 

كما يعرف الجميع، فالاستخدام الأكثر شيوعاً للبلوتوث اليوم هو الاستماع للموسيقى (أو المحتوى الصوتي الآخر مثل البودكاست والكتب الصوتية)، لذا تركز الاختبار الثاني على مقارنة استهلاك البطارية عند تشغيل الصوت عبر سماعات البلوتوث مقابل استخدام سماعات سلكية أو مكبر الصوت الخاص بالهاتف.

 

كانت النتائج هنا متطابقة تماماً لاستهلاك البطارية بغض النظر عن طريقة الاستماع في كل من هاتفي Galazy S20 Plus وPoco F2 Pro، فيما كانت الفروقات دون 0.2% في الهواتف البقية، أي أن الأمر بالكامل كان ضمن هامش الخطأ ولا يوجد أي اختلاف حقيقي في استهلاك البطارية إن كنت تستخدم سماعات سلكية أو لاسلكية للهاتف الذكي.

 

في الواقع تعد هذه النتيجة مهمة للغاية اليوم، فبالإضافة للعيب الأساسي لسماعات البلوتوث (كونها تحتاج للشحن لتعمل)، هناك الكثير من المستخدمين الذين يرفضون استخدامها لأنها تؤدي لزيادة استهلاك البطارية، لكن الواقع هو أنها لا تفعل ذلك حقاً، وتأثير استخدام السماعات اللاسلكية معدوم تماماً عند استخدام المحتوى الصوتي فقط.

 

لماذا لا يشكل استخدام البلوتوث أي اختلاف حقيقي في حياة البطارية؟

 

ينقسم تفسير الأمر هنا إلى شقين أساسيين في الواقع، حيث أن البلوتوث لا يستهلك البطارية وهو فعال لكن غير متصل لأنه يبقى خاملاً في الواقع، حيث أن هوائي الاتصال لا يقوم بالبث حقاً طوال الوقت، بل يكتفي بإرسال إشارة قصيرة للغاية مع تباعد زمني، وعند قفل الشاشة يصبح التباعد الزمني أكبر حتى مما يعني أن الهوائي شبه متوقف عن العمل طوال الوقت.

 

بالنسبة للاستهلاك أثناء الاستخدام الفعال قد يبدو الأمر محيراً هنا، حيث أن الهوائي يبقى فعالاً طوال الوقت وبالتالي يستهلك الطاقة دون شك، لكن بالمقابل يوفر الهاتف الطاقة من عدم الحاجة لتفعيل مضخم الصوت أو محول الإشارة الرقمية إلى تناظرية (DAC) ضمنه، وبالتالي هناك استهلاك زائد، وبالمقابل توفير للبطارية والقيمتان تلغيان بعضهما البعض.

 

اقرأ أيضاً: ما هي تقنية البلوتوث 5 وماذا توفر للمستخدمين

 

عبر السنوات شهدت تقنية بلوتوث قفزات كبرى في الواقع، حيث تم تصميم الشرائح لتستهلك طاقة أقل بكثير من السابق، كما أن إبقاء الهوائيات غير فعالة معظم الوقت (باستثناء نبضات قصيرة) مفيد للغاية في تقليل حياة البطارية. لذا وفي حال كنت متردداً حيال ترك البلوتوث فعالاً على هاتفك أو حتى استخدامه، فالتأثير على حياة البطارية ليس عاملاً مؤثراً حقاً ويمكنك الاستخدام وأنت مطمئن.

شارك المحتوى |
close icon