لماذا عادت مبيعات أقراص الفونوجراف للصعود، وهل هي أفضل من الموسيقى الرقمية؟

في عالم التقنية عموماً، عادة ما تسير الأمور دوماً نحو الأفضل، ومع كل تغيير جديد نحصل على جودة أعلى وحجم أصغر وقدرات أكبر عادة، حيث أن الأحدث يفترض أن يكون أفضل عادة. لذا سيبدو من الغريب للكثيرين أن تقنية قديمة مثل أقراص الفونوجراف قد عادت للحياة مجدداً في السنوات الأخيرة وحتى أنها قد تفوقت على مبيعات أنواع الموسيقى الفيزيائية الأخرى مثل الكاسيت والأقراص الضوئية خلال عام 2020.

 

في الواقع هناك بعض الحالات الخاصة في مجال التطور التقني المستمر، وبينما تسير معظم الأمور لتكون أعلى جودة مع الوقت فحالة الصوتيات (وبشكل جزئي الفيديو) مختلفة وبالنسبة للكثيرين فأقراص الفونوجراف هي طريقة الاستمتاع بالموسيقى الأعلى جودة تماماً، لكن السؤال المهم هنا هو لماذا؟ وكيف يمكن لتقنية خرجت من المنافسة قبل عقود طويلة أن تعود اليوم بعد كل هذا الوقت؟

 

الجواب يعتمد على فكرة أساسية: التناظري مقابل الرقمي، وفي مجال الصوت عادة ما يفوز الصوت التناظري على الرقمي من حيث الجودة.

 

كيف يعمل الصوت الرقمي أصلاً؟

 

لماذا عادت مبيعات أقراص الفونوجراف للصعود، وهل هي أفضل من الموسيقى الرقمية؟

 

كما يعرف الجميع فالصوت هو أمواج بطبيعة الحال، وعند تسجيله تقوم أداة التسجيل بتحويل أمواج الصوت إلى إشارة كهربائية ومن ثم إلى موجة بشكل ما على وسيط تخزين بحيث يكون من الممكن إعادة إنتاج الصوت مجدداً في وقت لاحق.

 

في حالة أقراص الفونوجراف مثلاً يتم حفر الموجة على شكل تعرج على قرص من مادة بلاستيكية، وعندما تمر إبرة دقيقة على التعرج يتم إعادة قراءة الأمواج الصوتية الأصلية كما كانت وتنتج الموسيقى المسجلة. لكن من هنا تظهر المشكلة الأساسية بالنسبة للموسيقى الرقمية: لا يمكن تسجيل الأمواج حقاً بشكل رقمي.

 

بالنسبة للأجهزة الرقمية فالتعامل دائماً ما يتم عبر النظام الثنائي و”البت”، حيث كل بت هو قيمة 0 أو 1 فقط، لذا وعند تمثيل موجة ما لا يتم رسمها بشكل منحنٍ حقاً بل عبر طريقة أخذ العينات، وتعتمد هذه العملية على قيمتين أساسيتين في الواقع:

 

  • معدل أخذ العينات: وهو عدد المرات التي يتم أخذ عينة من الصوت فيها كل ثانية، وبالنسبة لمعظم الصوت الرقمي اليوم تكون القيمة هي 44100 أو 48000 هرتز.
  • عمق العينة: وهو مدى تدرج القيم المتاحة لكل عينة، حيث أن عمق 8bit يعطي 256 مستوى مختلفاً فقط، لكن كل درجة عمق إضافية تضاعف القيم الممكنة، لذا وبالنسبة لعمق 16bit مثلاً هناك 65536 درجة مختلفة للصوت.

 

لماذا عادت مبيعات أقراص الفونوجراف للصعود، وهل هي أفضل من الموسيقى الرقمية؟

 

كل من القيمتين السابقيتين مهمتان للغاية، حيث أن معدل أخذ العينات مفيد لعدم تضييع أمواج الصوت التي تدوم لوقت قصير فقط مثل نقرة وتر أو ضربة على طبل، وعند تخفيض معدل أخذ العينات يصبح الصوت روبوتياً إلى حد بعيد ويتم فقدان الكثير من التدرجات والميزات ضمنه.

 

من الناحية الأخرى فعمق العينة مهم جداً لمدى جودة الصوت، وتخفيض معدل البت يدمر هوية الصوت تماماً ويؤدي لضياع الفرق بين درجات الصوت وفقدان الأصوات الضعيفة للغاية كذلك. لذا عادة ما يحاول مهندسو الصوت إيجاد توازن معين بين قيم معدل أخذ العينات وعمق العينة والاحجام النهائية للملفات، حيث أن رفع القيم السابقة بشكل كبير جداً يعني أحجام ملفات أكبر بالضرورة.

 

لماذا الصوت التناظري (كما في الفونوجراف) أفضل من الصوت الرقمي عادة؟

 

مواضيع مشابهة

لماذا عادت مبيعات أقراص الفونوجراف للصعود، وهل هي أفضل من الموسيقى الرقمية؟

 

حتى مع أعلى درجات معدل أخذ العينات وقيمة العينة، لا يمكن إعادة تشكيل الموجة تماماً من قيم نقاط عليها فحسب، بل أن النتيجة دائماً ما تكون مضلعاً بشكل ما بدلاً من منحنٍ يسير بسلاسة، ومع أن معدلات أخذ العينات وعمق العينة الأكبر تعني أنه من الممكن الوصول إلى شكل قريب جداً من الموجة الأصلية فالتطابق لن يصبح ممكناً أبداً.

 

بالمقابل ومن حيث المبدأ من الممكن إعادة تمثيل الأمواج بشكل تناظري كامل الدقة، ومع أن هذا لا يحدث بالضرورة كما الأصل بسبب بعض العيوب الموجودة في أدوات التسجيل والتوصيلات التي ستضيع جزءاً من الإشارة دون شك، فمن الممكن الحصول على شكل موجي بالنهاية وهو أفضل من أي شيء من الممكن للصوت الرقمي أن ينتجه.

 

بالطبع تعتمد المقارنة هنا على كون التسجيل ومزج الموسيقى تتم بشكل مثالي تماماً دون أي أخطاء أو مشاكل، لذا لا يمكن التعميم بالضرورة وفي الكثير من الأمثلة من الممكن لتسجيل فونوجراف أن يكون أسوأ بمراحل من ملف صوت رقمي مضغوط بشدة وبصيغة MP3 مثلاً.

 


مواضيع قد تهمك:


 

هل الإقبال الكبير على أقراص الفونوجراف اليوم مدفوع بالجودة حقاً؟

 

لماذا عادت مبيعات أقراص الفونوجراف للصعود، وهل هي أفضل من الموسيقى الرقمية؟

 

عبر السنوات انهارت مبيعات أقراص الفونوجراف بشكل كبير للعديد من الأسباب، حيث أنها كبيرة الحجم وغير سهلة للتعامل معها ومن الممكن أن تتحطم بسهولة ولا يمكن للمستخدمين إعادة إنتاجها ونسخها مثلاً. لكن هذه المبيعات عادة للنمو على عكس كل التوقعات عبر العقد الأخير، وبينما استمر انهيار مبيعات وسائط تخزين الموسيقى الأخرى مثل الكاسيت والأقراص الضوئية عادت أقراص الفونوجراف إلى الواجهة.

 

بالنسبة للبعض فالتبرير هو الجودة، حيث يقول العديد من المشترين أنهم يحصلون على هذه الأقراص للاستمتاع بأعلى جودة ممكنة للموسيقى وأنهم يلاحظون فرق الجودة بوضوح بين هذه الأقراص وبين موسيقى رقمية عالية الجودة كما الموجودة في ملفات FLAC مثلاً.

 

المشكلة هي أن الادعاء السابق لا يمكن أن يكون حقيقياً، وفي معظم الحالات يكون السبب الواقعي هو الحنين إلى الماضي والقديم فقط دون أي دور لجودة الموسيقى بالأمر لأنه وبالنسبة للموسيقى الحديثة على الأقل فأقراص الفونوغراف تحافظ على جميع عيوبها وتزيد عليها خسارة ميزتها الوحيدة.

 

اليوم لم تعد استديوهات التسجيل تقوم بعملية التسجيل بشكل تناظري ومن ثم تحول الموسيقى إلى رقمية مما يقلل من جودتها، بل أن كل الموسيقى المنتجة في العقدين الأخيرين تقريباً هي رقمية منذ البداية ولا يوجد أي إصدار تناظري منها لأن عملية تسجيلها ومزجها تمت على الحواسيب وليس بشكل تناظري كما السابق.

 

اليوم يمكن الحصول على أقراص الفونوجراف كوسيلة لفتح محادثة أو حتى لاستعراض الثروة (كما يفعل الكثيرون) أو للحصول على جودة أفضل في حال كان القرص لأغنية قديمة جداً وتم تسجيله بشكل مثالي ربما، لكن إن كنت تريد الجودة فقط فالأفضل أن تبقى مع الموسيقى الرقمية لكن أن تستبدل ملفات MP3 المضغوطة بشكل شديد وتدميري بملفات FLAC التي تضغط دون التضحية بأي جودة للصوت.

شارك المحتوى |
close icon