هل كان محرك بحث Bing مشروعاً فاشلاً حقاً؟ أم أنه مشروع ناجح لـ Microsoft؟

في عام 2009 قررت شركة Microsoft العملاقة إطلاق محرك بحث جديد خاص بها باسم Bing لمنافسة الخيار المهيمن على المجال عالمياً: Google. وبينما لم يكن Bing أول محاولات الشركة لتقديم محركات البحث، بل سبقه كل من MSN Search وWindows Live Search وأخيراً Live Search فقد كان الأطول حياة دون شك، فهو مستمر حتى اليوم بعد أكثر من 11 عاماً على انطلاقته، ولا يبدو أنه سيتوقف في أي وقت قريب.

 

بالنسبة للكثيرين فوجود Bing أمر غير معروف أصلاً، وبالنسبة لمن يعرفونه فهو موضوم دائماً بكونه الخيار الأقل جودة من Google، وحتى بعد حملات إعلانية بمئات ملايين الدولارات لا يزال Bing بعيداً جداً عن أن ينافس على الصدارة في مجال البحث، وبين المستخدمين الذين يعرفون بأمره سيكون من الصعب إن لم يكن المستحيل العثور على مستخدم حقيقي قام باختيار Bing بشكل حقيقي بدلاً من تركه افتراضياً على متصفح مثل Edge ربما.

 

مع معرفة الواقع السيء له، وكونه غير مستخدم حقاً قد يراود الكثيرون نفس السؤال: لماذا لا تتخلص شركة Microsoft من Bing؟ فالشركة معروفة بتخلصها من الكثير من المنتجات التي لم تعد تحقق غايتها حقاً، ولعل بعضاً من الأمثلة الأهم تضم أنظمة Windows Phone وWindows Mobile للهواتف الذكية، وخدمة المراسلة الشهيرة Windows Live Messenger والتي دمجت مع Skype.

 

في هذا الموضوع سنتناول سبب تمسك مايكروسوفت بمحرك بحثها، كما سنشرح الأهمية الحقيقية لـ Bing ولماذا يعد وجوده هاماً جداً أو حتى ضرورياً للعديد من الشركات.

 

لماذا تبقي Microsoft على محرك بحث Bing حياً؟ الجواب مالي بالدرجة الأولى

 

هل كان محرك بحث Bing مشروعاً فاشلاً حقاً؟ أم أنه مشروع ناجح لـ Microsoft؟

 

وفق البيانات العالمية المتاحة حالياً، يشكل محرك Bing حوالي 6.4% من استخدام محركات البحث حول العالم (باستثناء الصين)، لكن بعض التقديرات تشير إلى نسب أكبر تصل حتى 30% في بعض الحالات، ولو أن هكذا نسب كبيرة تبدو مثيرة للشكوك إلى حد بعيد.

 

لكن وفي حال اعتمدنا نسبة 6.4% فقط، فهي وعلى الرغم من أنها تبدو صغيرة، فهي تمثل رقماً أكبر بكثير، حيث يقدر أن مستخدمي الإنترنت يقومون بحوالي 4 مليارات عملية بحث كل يوم، أي أن Bing يعالج حوالي 260 عملية بحث كل يوم، وهو عدد هائل دون شك.

 

في المجالات الكبيرة جداً مثل البحث على الإنترنت، حتى الحصص الصغيرة للغاية تمتلك حجماً حقيقياً كبيراً، وبالنسبة لـ Bing هذا الأمر حقيقي، فهو يعالج جزءاً صغيراً فقط من طلبات البحث، لكن ذلك كافٍ ليجعله مورداً مالياً هائلاً في الواقع، حيث أنه قدم 7.7 مليار دولار أمريكي من العائدات خلال عام 2019، ومع أن حجم الأرباح الحقيقية ونسبتها من العائدات مجهولة، فقد بدأ Bing بتحقيق الربح منذ عام 2015، ومن السليم الاعتقاد بكونه مستمر بجني الأرباح مع موازنة موجبة.

 

اقرأ أيضاً: من أين تجني الشركات التقنية الكبرى ملياراتها؟

 

بالطبع من المهم التذكير بأن أسباب Microsoft ليست مالية بحتة، وحتى لو كان Bing يخسر المال لكان استمر بالوجود لأسباب استراتيجية أخرى مثل جمع البيانات وإثبات الوجود في السوق، وبالأخص مع الارتباطات الكبرى مع شبكة LinkedIn التي استحوذت عليها Microsoft في صفقة كبرى قبل أعوام.

 

كيف يجني محرك البحث Bing المال؟

 

 

الجواب هنا بسيط إلى حد بعيد ومشابه للجواب المعتاد لمصدر ربح محركات البحث: الإعلانات. حيث يظهر محرك Bing نتائج بحث “مرعية” ضمن الصفحة الأولى للنتائج، ويوفر خيارات متقدمة وحتى متفوقة على Google من حيث ما هو متاح للمعلنين.

 

مواضيع مشابهة

كما أن خدمة الإعلانات الخاصة بـ Microsoft قد توسعت بشكل كبير بعد الاستحواذ على LinkedIn وباتت إعلانات Bing مفيدة جداً بشكل مباشر وغير مباشر كمصدر دخل كبير للشركة التي نجحت بتنويع مصادر دخلها في السنوات الأخيرة والابتعاد عن الاعتماد على نظام ويندوز فقط.

 

من يستخدم Bing أصلاً؟

 

نسبة 6.4% تعني أن واحداً من بين كل 16 عملية بحث تتم عبر Bing، ومن المفترض أن تعرف عدة أشخاص حولك ممن يستخدمونه في حال صحت هذه الأرقام. لذا قد يشكك الكثيرون بهذه الأرقام، لكنها واقعية للغاية حيث أن هناك العديد من مستخدمي Bing حول العالم، وحتى أنك قد تكون أحدهم دون أن تدرك ذلك.

 

مستخدمو منتجات Microsoft الافتراضية

 

معظم حواسيب العالم اليوم تعمل بنظام ويندوز 10 كما يعلم الجميع، وضمن نظام ويندوز 10 هناك ميزة بحث سريع تتيح عرض نتائج الويب كذلك، وهذه الميزة كما هو متوقع قائمة على Bing. لكن المصدر الأساسي للمستخدمين من ويندوز ليست ميزة البحث، بل متصفح Edge الذي يأتي مثبتاً مسبقاً على الحاسوب، وبالطبع يأتي مع محرك بحث Bing بشكل افتراضي.

 

ومع أن الغالبية العظمى من المستخدمين يغيرون المتصفح ومحرك البحث الافتراضي بسرعة، فنسبة مهمة منهم لا يقومون بذلك، ومع تحول متصفح Edge إلى متصفح جيد حقاً فهذه النسبة ستستمر بالنمو.

 

اقرأ أيضاً: لماذا تتسابق الشركات على امتلاك متصفح أكثر شعبية وانتشاراً؟

 

المساعدات الشخصية الصوتية

 

في السنوات الأخيرة بدأت المساعدات الشخصية الصوتية بالانتشار بشكل أكبر من أي وقت سبق، فهي تتيح للمستخدم سهولة كبيرة في التحكم بالأجهزة من جهة، والحصول على المعلومات من الجهة الأخرى، ومع أن Google Assistant الأكثر شعبية يستخدم بحث Google بطبيعة الحال، فالبقية لا تفعل ذلك بالضرورة.

 

بالطبع تقوم Cortana باستخدام Bing كونها مصممة من قبل Microsoft أصلاً، لكن كذلك تفعل Alexa الخاصة بشركة Amazon ولبضعة سنوات حتى Siri كانت تستخدم Bing، ولا تزال تستخدمه حتى اليوم لكن بشكل جزئي فيما يتعلق ببحث الصور فقط. لذا وحتى إن لم تكن مدركاً للأمر، قد تكون استخدمت Bing بشكل غير مباشر ولمرات عديدة حتى.

 

محركات البحث المستقلة والشركات

 

بالإضافة إلى الأسماء المعروفة في عالم محركات البحث اليوم، هناك في الواقع عشرات الشركات الناشئة التي توفر خدمات البحث مع أغراض خاصة، فبعضها يركز على الخصوصية مثل DuckDuckGo وأخرى تركز على حماية البيئة مثل Ecosia وسواها. ومع كون محركات البحث هذه صغيرة عادة ولا تستطيع صرف مبالغ طائلة على تطوير خوارزميات بحث خاصة بها، فهي كثيراً ما تستخدم خدمات Bing لإعطاء النتائج أو جزء منها على الأقل.

 

في الواقع تعتمد الكثير من المواقع العالمية الكبرى على Bing كمحرك داخلي ضمنها، والسبب هنا ليس تفوق Bing بالضرورة بل أن العديد من الشركات تمتلك موقفاً مشككاً تجاه Google وهيمنتها المطلقة على عالم البحث.

شارك المحتوى |
close icon