هل من الممكن لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أن يتجسس على موقعك حقاً؟

بدأ نظام تحديد المواقع العالمي (GPS) كمشروع حكومي أمريكي منذ عام 1973، واكتمل إلى شكله الحالي في عام 1993. ومع أن المشروع قد بدأ كمشروع خاص بالحكومة الأمريكية فقط ولأغراض عسكرية بالدرجة الأولى، فهو متاح للجميع اليوم وبشكل مجاني تماماً. ومن هنا تخرج عدة أسئلة مهمة: لماذا تقدم الحكومة الأمريكية خدمة كهذه مجاناً، وهل من الممكن أن يكون هناك غايات خفية مثل جمع المعلومات الاستخباراتية عن المستخدمين حول العالم؟

 

في هذا الموضوع سنحاول الإجابة عن الأسئلة المتعلق بنظام تحديد المواقع العالمي من حيث سبب مجانيته وكيفية عمله، وما الذي يجعله آمناً ولا يمكن استخدامه للتجسس على المستخدمين حقاً. حيث أن تتبع مواقع الأفراد والتجسس عليهم أمر ممكن دون شك، لكن ذلك يتم من ثغرات أخرى لا علاقة لها بنظام GPS في الواقع.

 

لتوضيح الأمر بشكل أفضل، سنقوم في البداية بشرح طريقة عمل نظام تحديد المواقع العالمي GPS، ومن ثم سنتناول سبب كونه آمناً تماماً كون الأقمار الصناعية لا تعرف معلومات المستخدمين أصلاً.

 

كيف يعمل نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)؟

 

 

هل من الممكن لنظام تحديد المواقع العالمي (GPS) أن يتجسس على موقعك حقاً؟

 

يتكون نظام تحديد المواقع العالمي من 24 قمراً صناعياً متوزعة ضمن مدار الأرض المتوسط على بعد حوالي 20 ألف كيلومتر من سطح الأرض، ومع وجود هذا العدد من الأقمار الصناعية فهي توفر تغطية عالمية حقاً حيث أن أي نقطة على الأرض تمتلك خط نظر مباشر إلى 3 أقمار صناعية على الأقل في أي لحظة.

 

مبدأ عمل نظام GPS بسيط من حيث المبدأ: تمتلك جميع الأقمار الصناعية ساعات نووية عالية الدقة، وتقوم ببث إشارتها إلى جميع المناطق دون تخصيص، حيث تتضمن الإشارة بصمة توقيت دائماً بحيث يتمكن المستقبلون من قياس المسافة بين القمر الصناعي والمستقبل عبر حساب فرق الوقت بينهما وضربه بسرعة انتشار الأمواج الكهرومغناطيسية (سرعة الضوء).

 

بحساب المسافة عن قمر صناعي واحد فقط لا يمكن للمستخدم تحديد موقعه حقاً، بل أنه يعرف أنه على سطح كروي مركزه القمر الصناعي، لكن بمقارنة المسافة عن قمرين صناعيين معاً يصبح التقاطع هو دائرة يقع المستخدم على نقطة منها، وبإضافة المسافة عن قمر صناعي ثالث يصبح التقاطع نقطتين فقط إحداهما على سطح الأرض والأخرى لا. ولغرض إضافة المزيد من الدقة أيضاً عادة ما يضاف معلومات المسافة عن قمر صناعي رابع أو حتى خامس لتقليل احتمال الخطأ إلى الحد الأدنى.

 

مواضيع مشابهة

مع كون الأقمار الصناعية لنظام GPS تدور بمدار مستقر وثابت (تدور مرتين حول الأرض كل يوم وبزاوية 55 درجة) فمكانها المحدد بالنسبة للأرض معروف دائماً وتقوم ببثه ضمن إشارتها مع معلومات التوقيت، لذا وبمعرفة البعد بدقة مقارنة بالأقمار الصناعية ذات الموقع المعروف يمكن أن يحدد المستخدم موقعه بدقة عالية بحيث يكون معدل الخطأ عادة أقل من 30 سم.

 

اقرأ أيضاً: نجاح الصين في بناء نظام GPS مستقل بعيدًا عن السيطرة الأميركية

 

لماذا لا يستطيع نظام تحديد المواقع العالمي التجسس عليك ومعرفة مكانك؟

 

عندما بدأ نظام تحديد المواقع بالانتشار في الهواتف الذكية مطلع الألفية، كان هناك العديد من المخاوف حول الخصوصية والأمن القومي للبلدان، حيث كان الكثيرون يعتقدون أن استخدام نظام GPS يعرضهم لخرق الخصوصية ومعرفة هذا النظام (المملوك والمشغل من قبل الحكومة الأمريكية) بمواقعهم طوال الوقت. لكن الواقع كان مختلفاً تماماً ومع الوقت توضح للجميع أن هذه المخاوف لا أساس لها من الصحة لأن الأقمار الصناعية لا تدرك موقع مستخدميها أو عددهم أو أية معلومات عنهم في الواقع.

 

من حيث المبدأ الأمر مشابه لأطباق الاستقبال التلفزيوني الفضائي، حيث يقوم القمر الصناعي بالبث فقط، فيما أن المستخدمين يستقبلون البث ولا يقومون بإرسال أية معلومات من أي نوع إلى القمر الصناعي. وبالنتيجة لا توجد أية بيانات عن عدد مستخدمي نظام GPS ولا يتأثر النظام حقاً سواء كان هناك مستخدم واحد أو 10 مليارات مستخدم مع كون بثه هو نفسه على جميع الأحوال.

 

بالطبع لا يعني هذا أن معلومات موقعك بأمان بالضرورة، حيث أن تطبيقات الخرائط مثل Google Maps تتابع موقعك وتخزن بياناته طالما أنها فعالة، كما أن العديد من التطبيقات الأخرى ومنها Facebook مثلاً تطلب تعقب الموقع الجغرافي للمستخدمين للحصول على بعض الميزات.

 

بالنتيجة من الممكن أن تتعرض لمراقبة موقعك الجغرافي في الواقع، لكن هذه الرقابة والتجسس لا تتم من قبل نظام تحديد المواقع العالمي، بل تتم من تطبيقات وخدمات أخرى تستخدم بيانات الموقع الخاصة بهاتفك وترسلها إلى خوادم بعيدة عبر الإنترنت.

شارك المحتوى |
close icon