نظرة أقرب على الشحن السريع: كيف يعمل، هل لديه عيوب؟ ولماذا يتوقف عن العمل أحياناً؟

لسنوات عديدة من تاريخ شواحن الهواتف الذكية، كان هناك ما يشبه معياراً موحداً للشحن في الاوقع، حيث كانت الغالبية العظمى من الهواتف تشحن باستخدام تيار 1A وجهد 5V فقط، أي أن الشاحن يقدم استطاعة 5W. لكن واحدة تلو أخرى بدأت الشركات المصنعة للهواتف بتقديم شواحن أسرع وأسرع، ومن حينها تضاعفت سرعات الشحن المدعومة لتتجاوز 100W في بعض الحالات وتجعل شحن الهواتف أمراً أقل إزعاجاً من أي وقت مضى.

 

بالطبع هناك الكثير من الأمور التي تجعل المستخدمين يريدون الشحن السريع لهواتفهم، وبالأخص عندما يكون الوقت المتاح للشحن قصيراً جداً، كأن تنسى شحن هاتفك ليلاً وتحتاج لشحنه خلال بضعة دقائق فقط بينما تتناول إفطارك قبل الاتجاه للعمل، أو حتى خلال الرحلات الطويلة حيث لا تريد البقاء في مكان واحد لفترة طويلة ولا يناسبك أن تترك هاتفك بعيداً عنك.

 

في هذا الموضوع سنتناول فكرة الشحن السريع، حيث سنشرح المبدأ خلفه بشكل مبسط، وما هي الميزات والعيوب الأساسية له، وفي النهاية سنتحدث عن المشاكل التي يواجهها المستخدمون عند التعامل مع الشحن السريع وكيفية حل كل منها.

 

كيف يعمل الشحن السريع أصلاً؟

 

نظرة أقرب على الشحن السريع: كيف يعمل، هل لديه عيوب؟ ولماذا يتوقف عن العمل أحياناً؟

قبل الخوض بفكرة الشحن السريع، من المهم تذكر أن سرعة الشحن مرتبطة بعامل أساسي: استطاعة التيار الذي يمر بين الشاحن والهاتف الذكي. حيث تقاس الاستطاعة بواحدة Watt (رمزها W) وهي نتيجة جداء كل من قيمتي الجهد (واحدته Volt أو V) والتيار (واحدته Ampere أو A). لذا فإن رفع أي من القيمتين في تيار الشحن من المفترض أن يقدم سرعة شحن أكبر بالنتيجة.

 

بدأت محاولات تقديم الشحن السريع للهواتف أولاً برفع قيمة التيار المقدم مع الحفاظ على جهد كهربائي ثابت، فبدلاً من 5V/1A يمكن رفع قيمة التيار إلى 5V/2A وبذلك مضاعفة سرعة الشحن، ولسنوات استخدمت هذه الطريقة في الأجهزة اللوحية مثلاً حيث البطاريات أكبر حجماً وشحنها بالشواحن العادية بطيء للغاية، لكن الأمور تغيرت مؤخراً وبات من الممكن للشركات الاعتماد على رفع الجهد أو التيار أو كلاهما معاً للوصول إلى الشحن السريع.

 

على سبيل المثال تعتمد شواحن Dash Charging من شركة OnePlus على رفع التيار بالدرجة الأولى، إذ تقدم استطاعة 20W بالحفاظ على جهد 5V لكن رفع التيار إلى 4A، فيما أن شواحن Adaptive Fast Charging من Samsung عادة ما ترفع قيمة الجهد والتيار معاً، إذ عاد ما تستخدم شواحنها باستطاعة 15W تياراً بشدة 1.66A مع جهد 9V.

 

بالطبع هنا من المهم التذكير بأمر أساسي: مهما كان الشاحن الذي تستخدمه سريعاً، فذلك لا يهم إن لم يكن الهاتف أو الجهاز اللوحي المشحون يدعم ذلك. إذ أن الأجهزة الحديثة تتضمن دارة خاصة بالبطارية مع مهمة أساسية هي تنظيم الجهد والتيار الذي يصل إليها، وفي حال وصلت إلى الحد الأعلى للتيار أو الجهد لن يكون هناك فائدة من أي استطاعة إضافية يقدمها الشاحن.

 

مواضيع مشابهة

لماذا لا يستخدم الشحن السريع على نطاق أوسع؟

 

نظرة أقرب على الشحن السريع: كيف يعمل، هل لديه عيوب؟ ولماذا يتوقف عن العمل أحياناً؟

من المعروف اليوم أن شركة Apple مثلاً كانت من أواخر الشركات التي دعمت الشحن السريع، إذ تأخرت سنوات عديدة قبل أن تدعمه رسمياً وحتى اللحظة تأتي هواتف iPhone مع شاحن بطيء باستطاعة 5W فقط، وحتى الهواتف التي تدعم الشحن السريع تمتلك معايير مختلفة، فبعضها يدعم طاقة 15W فقط، وبعضها الآخر يدعم 18W أو 20W أو حتى 100W في حالات قليلة. وهنا يصبح السؤال عن السبب مهماً للغاية.

 

لمن لا يمتلك الخبرة الكافية في المجال قد يبدو تقديم طاقة أكثر وأكثر فكرة ممتازة، فجميعنا نتمنى لو أن عملية الشحن سريعة كفاية لنتمكن من شحن الهاتف خلال دقيقة واحدة مثلاً، لكن الواقع هو أن رفع سرعة الشحن يأتي مع العديد من العيوب المختلفة والتي يجب على الشركات التعامل معها وتقليل آثارها، وتتضمن هذه المشاكل أموراً مثل:

 

  • ارتفاع الحرارة: من المعروف أن تقديم الطاقة عادة ما يتضمن أثراً جانبياً هو الحرارة، وبرفع طاقة الشحن من الممكن أن ترتفع الحرارة بشكل غير آمن إن لم يكن التبريد يتم بشكل كافٍ أو أن الهيكل غير مصمم للتعامل مع الطاقة الحرارية الإضافية.
  • انتفاخ البطارية: كنتيجة لارتفاع حرارتها، عادة ما تتمدد البطاريات أثناء شحنها، وفي حال كانت سرعة الشحن كبيرة كفاية من الممكن لتمدد البطارية أن يصل مرحلة الخطر، وبالأخص أن بطاريات الليثيوم معروفة بكونها قابلة للاحتراق أو حتى الانفجار في حال ثقبها أو تطبيق ضغط كبير كفاية عليها.
  • تقصير حياة البطارية: عادة ما تقاس حياة البطارية بعدد دورات الشحن (مرات الشحن والتفريغ التي تمر بها البطارية)، وقد أثبتت الاختبارات أن استخدام استطاعات شحن اعلى تجعل حياة البطارية أقصر وتلفها أسرع. بالنتيجة هناك دائماً تضحية على المدى الطويل مقابل سرعة الشحن على المدى القصير.

 

اقرأ أيضاً: هل يمكنك استخدام أي شاحن مع أي جهاز إلكتروني لديه نفس المنفذ؟

 

المشاكل التي من الممكن أن تمنع الاستفادة من الشحن السريع

 

مؤخراً بات من الصعب العثور على هواتف ذكية لا تستغل الشحن السريع حقاً، لكن حتى تلك التي تدعم التقنية قد لا تستفيد منها حقاً نتيجة العديد من المشاكل التي من الممكن أن تطرأ وتتسبب بالأمر، ولعل أهمها هي التالية:

 

  • استخدام شاحن بطيء: عادة ما تكون سرعة الشحن هي أكبر قاسم مشترك لسرعة شحن الهاتف وسرعة الشاحن، لذا وحتى إن كان الهاتف يدعم الشحن السريع فهو لن يستفيد من الأمر إن كان الشاحن المستخدم بطيئاً.
  • استخدام وصلة قديمة أو تالفة: من المعروف أن وصلات USB ليست متساوية حقاً، بل أن أجيال USB المتعاقبة تضمنت الكثير من التغييرات، وفي حال كانت الوصلة قديمة جداً او أنها تعرضت للكثير من الاستخدام سابقاً من الشائع أن يتسبب الأمر بتوقف الشحن السريع وبقاء الشحن محدوداً بسرعات منخفضة للغاية.
  • المشاكل في منفذ USB: باتت العديد من الهواتف الحديثة مقاومة للماء حتى دون تغطية منفذ الشحن، وبالنتيجة بات هناك احتمالات أكبر لتراكم الأوساخ والرواسب في منافذ الشحن بمرور الوقت، وإن كان التراكم كبيراً كفاية قد يتعطل المنفذ بشكل كامل أو يتوقف عن الشحن السريع ويبقي على السرعات البطيئة مثلاً.
  • المشاكل الداخلية في دارة الشحن: كما ذكرنا عادة ما تمتلك بطاريات الهواتف دارات خاصة للتحكم بتيار الشحن الذي يتم استقباله، لذا وفي حال عانت الدارة من مشاكل ما من الممكن أن يؤدي الأمر إلى تخفيض الحدود المسموحة للشحن وبالنتيجة فقدان دعم الشحن السريع.
شارك المحتوى |
close icon